عبدالله راتب النفاخ:
منذ زمن، وغير مرة، تلقيت السؤال نفسه من بعض متأدبي زمننا: كيف تحافظ على علاقتك بالدين، وصلتك الوثيقة بالأدب؟
كأن الاثنين ضدان لا يجتمعان، ولا أغرب من سؤالهم إلا واقع فرضه أدعياء الحداثة مما زعموه من تناطح واجب بين الأدب والدين، على أن تاريخ الآداب وتاريخ الأديان شهد تواصلاً وثيقاً، بل عناقاً حميماً أغلب الأحيان.
تلك الصورة التي صنعها فراخ العلمانية وناصرو الإلحاد ناسين شيئاً أعظم وضوحاً من الشمس لكن لمن يبصر، أن الأدب لا منبت له أحسن من الدين وكتبه المقدسة، يمتح منها يوماً فيوماً، بيد أن من يريد من الأدب أن يكون عدواً للدين وناقداً، ولا يراه أدباً إلا إن سار في هذا المنحى، فهو لا بد سيحمل تلك الفكرة ويتخذها شعاراً، ذلك أنه هو من بدأ الإلغاء لا نحن،ـ وعليه لا علينا واجب الإجابة والإبانة، هذا إن أراد أو قدر.
============
فياض العبسو:
ديننا دين الأدب معنىً وخلقاً ... وفي القرآن سورة باسم سورة الشعراء قال الله في آخرها: ( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227) ) ... فاستثنى الله المؤمنين منهم ... لأن هناك شعرا مائعا ، وأدبا خليعا ... يسمى: أدب الفراش ... وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: " والله لأن يمتلأ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلأ شعرا " ... وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يقول: " إن من الشعر لحكمة ، وإن من البيان لسحرا " ... وقال عليه الصلاة والسلام: " أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل " توكان صلوات الله وسلامه عليه يتمثل بعض الأبيات ... كقول طرفة بن العبد: ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلاً *** ويأتيك من لم تزود بالأخبار ... فكان يكسر البيت هكذا ... وكان له صلى الله عليه وسلم عددا من الشعراء ... كحسان بن ثابت وكعب بن مالك والعباس بن مرداس وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم ... وقد استمع لقصيدة كعب بن زهير بن أبي سلمى ، التي يبدؤها بقوله: بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ = مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ ... وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا = إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ ... إلى أن قال: إِنَّ الرَسولَ لسيف يُستَضاءُ بِهِ = مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ الهند مَسلولُ ... فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول هكذا: إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ ... وعفا عنه بعد أن كان قد أهدر دمه ... وخلع عليه بردته ... وكان له صلى الله عليه وسلم حاديا يقال له أنجشة ، وكان يحدو للإبل لتسرع ... فيقول له عليه الصلاة والسلام: " رفقا بالقوارير يا أنجشة " ... وكان صلى الله عليه وسلم يقول للخنساء: إيه خناس ... وكان ينصب لحسان منبرا في المسجد ويقول له: اهجوهم وروح القدس معك ... وقال له مرة: كيف تهجوهم وأنا منهم ؟ فقال له حسان: أسلك من بينهم كما تسل الشعرة من العجين ... وكان حسان يذهب إلى نسابة عصره أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ليعلمه أنساب قريش ، ليطعن فيهم في نسبهم ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " فو الذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبال " !! وقد طلب منه أن يرثي مطعم بن عدي ، الذي أجاره يوم عودته من الطائف ، وذلك ردا لجميله ، علما بأنه مات ولم يسلم ... وفي أسرى بدر ... قال صلى الله عليه وسلم: لو كان المطعم بن عدي حيا لشفعته فيهم ... وقد كان للشعر دور في مسيرة الدعوة الإسلامية ... كما كان له مهرجان في سوق عكاظ قبل الإسلام ... يتسابق فيه الشعراء ، وكان لهم لجنة تحكيم مؤلفة من: حسان بن ثابت ، والخنساء ، والنابغة الذبياني ... ومن يفوز منهم تكتب قصيدته بماء الذهب وتعلق على جدار الكعبة ، فسموا بأصحاب المعلقات ... وهكذا كان للشعر دور في الخلافة الراشدة والخلافة الأموية والعباسية وما بعدها إلى يومنا هذا ... وقد أسست في عصرنا رابطة للأدب الإسلامي ... لأن هناك فقه إسلامي ، وتشريع إسلامي ، وعلم شرعي إسلامي ... وكذلك أدب إسلامي يتصف بالعفة والنظافة والقيم والأخلاق ... وشكرا لكم .
منذ زمن، وغير مرة، تلقيت السؤال نفسه من بعض متأدبي زمننا: كيف تحافظ على علاقتك بالدين، وصلتك الوثيقة بالأدب؟
كأن الاثنين ضدان لا يجتمعان، ولا أغرب من سؤالهم إلا واقع فرضه أدعياء الحداثة مما زعموه من تناطح واجب بين الأدب والدين، على أن تاريخ الآداب وتاريخ الأديان شهد تواصلاً وثيقاً، بل عناقاً حميماً أغلب الأحيان.
تلك الصورة التي صنعها فراخ العلمانية وناصرو الإلحاد ناسين شيئاً أعظم وضوحاً من الشمس لكن لمن يبصر، أن الأدب لا منبت له أحسن من الدين وكتبه المقدسة، يمتح منها يوماً فيوماً، بيد أن من يريد من الأدب أن يكون عدواً للدين وناقداً، ولا يراه أدباً إلا إن سار في هذا المنحى، فهو لا بد سيحمل تلك الفكرة ويتخذها شعاراً، ذلك أنه هو من بدأ الإلغاء لا نحن،ـ وعليه لا علينا واجب الإجابة والإبانة، هذا إن أراد أو قدر.
============
فياض العبسو:
ديننا دين الأدب معنىً وخلقاً ... وفي القرآن سورة باسم سورة الشعراء قال الله في آخرها: ( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227) ) ... فاستثنى الله المؤمنين منهم ... لأن هناك شعرا مائعا ، وأدبا خليعا ... يسمى: أدب الفراش ... وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: " والله لأن يمتلأ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلأ شعرا " ... وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يقول: " إن من الشعر لحكمة ، وإن من البيان لسحرا " ... وقال عليه الصلاة والسلام: " أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل " توكان صلوات الله وسلامه عليه يتمثل بعض الأبيات ... كقول طرفة بن العبد: ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلاً *** ويأتيك من لم تزود بالأخبار ... فكان يكسر البيت هكذا ... وكان له صلى الله عليه وسلم عددا من الشعراء ... كحسان بن ثابت وكعب بن مالك والعباس بن مرداس وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم ... وقد استمع لقصيدة كعب بن زهير بن أبي سلمى ، التي يبدؤها بقوله: بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ = مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ ... وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا = إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ ... إلى أن قال: إِنَّ الرَسولَ لسيف يُستَضاءُ بِهِ = مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ الهند مَسلولُ ... فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول هكذا: إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ ... وعفا عنه بعد أن كان قد أهدر دمه ... وخلع عليه بردته ... وكان له صلى الله عليه وسلم حاديا يقال له أنجشة ، وكان يحدو للإبل لتسرع ... فيقول له عليه الصلاة والسلام: " رفقا بالقوارير يا أنجشة " ... وكان صلى الله عليه وسلم يقول للخنساء: إيه خناس ... وكان ينصب لحسان منبرا في المسجد ويقول له: اهجوهم وروح القدس معك ... وقال له مرة: كيف تهجوهم وأنا منهم ؟ فقال له حسان: أسلك من بينهم كما تسل الشعرة من العجين ... وكان حسان يذهب إلى نسابة عصره أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، ليعلمه أنساب قريش ، ليطعن فيهم في نسبهم ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: " فو الذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبال " !! وقد طلب منه أن يرثي مطعم بن عدي ، الذي أجاره يوم عودته من الطائف ، وذلك ردا لجميله ، علما بأنه مات ولم يسلم ... وفي أسرى بدر ... قال صلى الله عليه وسلم: لو كان المطعم بن عدي حيا لشفعته فيهم ... وقد كان للشعر دور في مسيرة الدعوة الإسلامية ... كما كان له مهرجان في سوق عكاظ قبل الإسلام ... يتسابق فيه الشعراء ، وكان لهم لجنة تحكيم مؤلفة من: حسان بن ثابت ، والخنساء ، والنابغة الذبياني ... ومن يفوز منهم تكتب قصيدته بماء الذهب وتعلق على جدار الكعبة ، فسموا بأصحاب المعلقات ... وهكذا كان للشعر دور في الخلافة الراشدة والخلافة الأموية والعباسية وما بعدها إلى يومنا هذا ... وقد أسست في عصرنا رابطة للأدب الإسلامي ... لأن هناك فقه إسلامي ، وتشريع إسلامي ، وعلم شرعي إسلامي ... وكذلك أدب إسلامي يتصف بالعفة والنظافة والقيم والأخلاق ... وشكرا لكم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق